المسيحية احدى الديانات السماوية التي يعتبر يسوع المسيح الشخصية الأساسية فيها، ويعتبر المؤسس لها. تعتبر المسيحية أكثر الديانات أتباعا في العالم، فعدد أتباع الديانة المسيحية يُقدّر بحوالي 2.4 مليار (إحصاء سنة 2015) أي حوالي ثلث سكان الكوكب من البشر، كذلك فالمسيحية دين الأغلبية السكانية في 126 بلدًا من أصل 190 بلدًا مستقلاً في العالم. جذور المسيحية تأتي مناليهودية، التي تتشارك معها في الإيمان بكتاب اليهودية المقدس (التناخ)، الذي يدعى في المسيحية (العهد القديم). يطلق على مجموعة الديانات السماوية: اليهودية والصابئية المندائية والمسيحيةوالإسلام اسم الديانات الإبراهيمية لأن مؤسسي هذه الديانات جميعهم من نسل النبي إبراهيم كما يعتقد متبعو هذه الديانات. الكتاب المقدس الأساسي للمسيحية يطلق عليه اسم: العهد الجديد وهو مجموعة التعاليم التي أتى بها يسوع المسيح ونشرها بين أتباعه ثم قام تلامذة المسيح بكتابة هذه التعاليم ونشرها في الاصحاحات. وكأي ديانة أخرى، ظهرت في المسيحية عدة من الطوائف والكنائس تصنف في ستة عائلات كبيرة: تزامنت الانشقاقات الأولى مع القرن الرابعحين انفصلت الكنائس الأرثوذكسية المشرقية والأرثوذكسية القديمة، تلاها سنة 1054 الانشقاق الكبير بين الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية ثمالبروتستانتية خلال القرن السادس عشر فيما عرف باسم عصر الإصلاح. وكما تأثرت، فقد أثرت المسيحية في غيرها من الأديان، ولها بصمة واضحة في الحضارة الحديثة وتاريخ البشرية على مختلف الأصعدة. (إقرأ المزيد ...)المسيحيّة أو النصرانيّة، هي ديانة إبراهيمية، وتوحيدية، متمحورة في تعاليمها حول الكتاب المقدس، وبشكل خاص يسوع، الذي هو في العقيدة متمم النبؤات المنتظر، وابن الله المتجسد؛ الذي قدّم في العهد الجديد ذروة التعاليم الاجتماعية والأخلاقية، وأيّد أقواله بمعجزاته؛ وكان مخلّص العالم بموته وقيامته، والوسيط الوحيد بين الله والبشر؛ وينتظر معظم المسيحيين مجيئه الثاني، الذي يختم بقيامة الموتى، حيث يثيب الله الأبرار والصالحين بملكوت أبدي سعيد. المسيحية تعتبر أكبر دين معتنق في البشرية، ويبلغ عدد أتباعها 2.4 مليار أي حوالي ثلث البشر، كذلك فالمسيحية دين الأغلبية السكانية في 126 بلدًا من أصل 197 بلدًا في العالم؛ ويعرف أتباعها باسم المسيحيين؛ جذر كلمة مسيحية تأتي من كلمة المسيح التي تعني " من وقع دهنه" أو "الممسوح بالدهن المقدس " ؛ وتعرف أيضًا لناطقي العربية باسم النَّصرانية، من كلمة الناصرة بلدة المسيح.[مت 2:23 نشأت المسيحية من جذور وبيئة يهودية فلسطينية، وخلال أقل من قرن بعد المسيح وجدت جماعات مسيحية في مناطق مختلفة من العالم القديم حتى الهند شرقًا بفضل التبشير، وخلال القرنين التاليين ورغم الاضطهادات الرومانية، غدت المسيحية دين الإمبراطورية؛ وساهم انتشارها ومن ثم اكتسابها الثقافة اليونانية لا بانفصالها عن اليهودية فحسب، بل بتطوير سمتها الحضارية الخاصة.المسيحية تصنّف في أربع عائلات كبيرة: الكاثوليكية، والأرثوذكسية المشرقية والشرقية، والبروتستانتية؛ وإلى جانب الطوائف، فإنّ للمسيحية إرثًا ثقافيًا دينيًا واسعًا يدعى طقسًا، وأشهر التصنيفات، وأعرقها في هذا الخصوص المسيحية الشرقية، والمسيحية الغربية. الثقافة المسيحية، تركت تأثيرًا كبيرًا في الحضارة الحديثة وتاريخ البشرية على مختلف الأصعدة.طبقًا لرواية الكتاب المقدس فإنه وبعد نشاط علني دام قرابة ثلاث سنوات في فلسطين وضمن بيئة يهودية، صعد يسوع المسيح إلى السماء بعد أن قدّم تعاليمه ومواعظه وأجرى المعجزات وتمم النبؤات، وافتتح العهد الجديد طالبًا البشارة إلى كافة أصقاع الأرض، موكلاً الأمر إلى تلامذته، وواعدًا بالرجوع. يقدّم سفر أعمال الرسل، بعض المحطات التاريخية في حياة الجماعة المسيحية الأولى، والتي كانت تعيش مواظبة على الصلاة في حياة مشتركة في كل شيء،[أع 2:45] آخذة أعدادها بالنمو والازدياد، حتى امتدت سريعًا إلى خارج بيئتها اليهودية - الفلسطينيّة، فوجدت خلال عشرين عامًا جماعات مسيحية في سوريا وآسيا الصغرى ومصر واليونان وإيطاليا.وصدر حوالي عام 49 مرسوم طرد المسيحيين واليهود من روما، في حين انعقد مجمع أورشليم عام 50 للتباحث في علاقة المسيحيين من أصل يهودي، مع المسيحيين من أصل أممي؛[أع وكان أن اتهم نيرون المسيحيين زورًا حسب رأي أغلب المؤرخين، بإشعال حريق روما عام 64 فجرّد حملة اضطهادات عنيفة؛ومع مقتل أو وفاة أغلب الحلقة المقربة من المسيح، ظهرت شخصيات جديدة شكلت الحلقة الأولى من آباء الكنيسة. لقد دعت الجماعات المسيحية الأولى نفسها باسم "الغرباء"، إذ وجدوا أنفسهم في «منفى أرضي» مقابل «الوطن السماوي»، وعزفوا عن السياسة أو التجارة أو الفلسفات،وفي المقابل اهتموا بالفقراء والعجزة والمرضى والعبيد، والإخلاص في الزواج مقارنة بتحلله في المجتمع اليوناني - الروماني. وكان القرن الثاني، موعدًا لاضطهادات كثيرة عرفت باسم الاضطهادات العشرة في الإمبراطورية الرومانية، قضى خلالها وعلى مدى القرن والقرن التالي مئات الآلاف من المسيحيين؛ وأما المبررات المقدمة للاضطهاد فكانت رفض عبادة الإمبراطور من جهة، والمؤسسة المسيحية النابذة للعالم الوثني وقيمه، والمنغلقة على ذاتها نوعًا ما من جهة ثانية. ومنذ النصف الثاني للقرن الثاني، كانت أسفار العهد الجديد قد جمعت كما يشهد قانون موراتوري، وانتشرت الكنائس في الريف كما في المدن، وأخذت المؤسسات الكنسية، كالأبرشيات تأخذ شكلها المعروف، وظهر اللاهوت الدفاعي أي مجموع الكتابات التي تدافع عن العقيدة بوجه خصومها، لاسيّما الغنوصية والمانوية. وقد استمرت مسيحية القرن الثالث بالنمو، وجذبت مزيدًا من المنضوين تحت لوائها، وأقدم البلاد التي تنصرّت بالكامل هي مملكة أرمينيا ومملكة الرها، كما وجدت جماعات مسيحية مزدهرة في الهند والحبشة؛ وعلى الصعيد الفكري فإن المدارس اللاهوتية قد تكاثرت ونبغ منها مدرستي الإسكندرية وأنطاكية، وبرزت خطوط تفسير الكتاب المقدس وتصلّبت أشكالها، كما تنظمت مؤسسة الرهبنة بعد أن كانت أفردًا أو مجموعات صغيرة لا منظم لها، بوصفها أفرادًا تخلوا عن العالم المادي وكلّ ما فيه في سبيل التكرّس للدين والإيمان. وإن للقرن الثالث عمومًا يرجع أغلب المؤرخين الكنسيين وإن كان قد وجد بعض المؤرخين أقدم طورًا من ذلك؛ أما على الصعيد الاجتماعي فإن الفكرة القائلة بمجيء سريع للمسيح قد تلاشت وأخذت المجتمعات المسيحية تنفتح نحو المشاركة في الحياة الاقتصادية والثقافية، وإن كان بعض الأباطرة أمثال فيليب العربي، قد مالوا نحو المسيحية، فإن البعض الآخر قد حاول القضاء عليها بالاضطهاد والتنكيل، رغم عدم نجاعة الحل المقترح في ضبط انتشار الدين، وعمومًا فإن الشهداء في المسيحية يذكرون ثالثًا بعد الأنبياء والرسل بوصفهم شهود الإيمان وناشريه حتى اليوم. القرون الوسطى المبكرة[عدل] مقالات مفصلة: مجمع مسكوني الانشقاق العظيم الإمبراطورية البيزنطية الإمبراطورية الرومانية المقدسة الإمبراطور قسطنطين الأول محاطًا بالأساقفة مشهرين قانون الإيمان، في مجمع نيقية. الطيف المسيحي في الخريستولوجيا بين القرنين الخامس والسابع، يظهر معتقدات كنيسة المشرق (أزرق فاتح) والكنائس الميافيزية (أحمر فاتح) والكنائس الغربية (بنفسجي فاتح.) كانت بداية القرن الرابع، موعدًا لنهاية زمن الاضطهاد، فإن مرسوم غاليريوس التسامحي ثم مرسوم ميلانو عام 312، اعترف بالمسيحية دينًا من أديان الإمبراطورية، وحسب التقليد فإن القديس قسطنطين قد وعد الله باعتناق المسيحية إن انتصر في أحد معاركه على الفرس، فكان له ما أراد. وفي عام 330 قام بنقل العاصمة من روما إلى القسطنطينية، والتي أصبحت مركز المسيحية الشرقية ومركز حضاري عالمي، فأضحت أعظم مدن العالم في ذلك العصر. وما تلا ذلك من تراجع سريع لبقايا الوثنية. وفي عام 325 انعقد المجمع المسكوني في نيقية للتباحث في قضايا تنظيمية وطقسية في الكنيسة، أما موضوعه الأساسي فكان المذهب الذي علّمه آريوس، والقائل بخلق الكلمة، وكونها من غير ذات الجوهر الإلهي، فعزل وحرم وصيغ في المجمع قانون الإيمان الذي لا يزال مستخدمًا إلى اليوم. غير أن حرم الآريوسية، لم يكن يعني اندثارها، إذ استمرت في مختلف أنحاء العالم المسيحي، حتى القرن الثامن، وشغل أساقفة آريوسيون مناصب هامة في فترات معينة. وكان مجمع القسطنطينية عام 380 قد جاء مكملاً لحرم الآريوسية بتثبيت طبيعة الروح؛[62] أما المجمعين اللاحقين أي مجمع أفسس عام 431 ومجمع أفسس الثاني أو مجمع خلقيدونية عام 451 فقد انعقدا للتباحث في شؤون خريستولوجية، أي طريقة اتحاد الكلمة بالطبيعة الإنسانية، فحرم أولاً نسطور الذي قال بعدم وجود ارتباط بين الطبعين، في حين أقر مجمع خلقيدونية رسائل ليون الأول بابا روما المتعلقة بطبعي المسيح، غير أن المجمع شرخ الكنيسة، فإن الكنائس الأرثوذكسية المشرقية رفضت القول بالطبعين بعد الاتحاد وقالت بالطبع الواحد من طبعين، كما في مجمع أفسس الثاني، وشكل أتباع هذا القول أكثرية مسيحيي أرمينيا ومصر والحبشة والريف السوري، ولا يخفى الواقع السياسي والاجتماعي في تأجج هذا الخلاف الذي شطر الكنيسة والامبراطورية والمجتمع، وحاول العديد من الأباطرة لجمه بصيغ وسطى أو توحيدية أمثال الهينوتيكون إلا أنهم فشلوا. غير أن الفترة ذاتها كانت حملت انتشار وتطور الفنون المسيحية لاسيّما العمارة في النمط المعروف باسم "بازيليك" أو "كنيسة كبرى"،وتكاثرت الكنائس والرهبانيات، وكانت كنيسة الحكمة المقدسة في العاصمة يخدمها 525 رجل دين بينهم 60 كاهنًا لوحدها، وأصدر الإمبراطور يوستيانوس قانون الشهير عام 538 في تنظيم الحياة الكنسيّة وقضايا عديدة والتي جمعها وبوبها من قوانين وتقاليد وافرة سابقة، وكذلك فقد قدمت الكنيسة عددًا من المدارس الفلسفية والأدبية، كما يبدو في مجمل الأدب السرياني واليوناني؛ وقد شاع في ذلك العصر بنوع خاص إكرام الأيقونات وذخائر الشهداء والقديسين، ووصلت المسيحية بفضل جهود المبشرين إلى آسيا الوسطى والصين وكوريا وأقامت فيها أبرشيات. وعلى الرغم أن الدين، لاسيّما في كتابات القديس أوغوسطين وهو أحد الملافنة، ينصّ على كفالة حرية غير المسيحيين وحقوقهم سواءً كانت دينية أم مدنية، إلا أن ذلك العصر قد شمل اضطهادات في بعض المناطق ضد اليهود أو الوثنيين وشمل في بعض الأحيان الفرق المسيحية ذاتها سواءً أكانوا من أنصار الطبع أم الطبعين. ومع بداية القرن السابع، سيطر الفرس على الهلال الخصيب، وأجزاء من اسيا الصغرى، وأعلنوا الطبيعة الواحدة مذهبًا رسميًا، غير أن هرقل استطاع استعادة البلاد في العقد التالي، وإذ أدرك أهمية توحيد الفريقين اجترح الصيغة الجديدة القائلة بالطبعين في مشيئة، غير أن محاولته فشلت ثم أدينت بوصفها هرطقة في مجمع القسطنطينية الثالث عام 681.وخرج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن طاعة الإمبراطورية بوصول الإسلام، وكانت أوضاع المسيحيين في ظل الدولة الأموية والعصر العباسي الأول مزدهرة، وقد برز السريان والنساطرة في الترجمة، العلوم، الفلك والطب فإعتمد عليهم الخلفاء. غير أنها انتكست نتيجة الاضطهادات لاسيّما أيام المتوكل على الله العباسي والحاكم بأمر الله الفاطمي، وعدد من خلافائهما، كما أن عملية التحول عن المسيحية ازدهرت في القرنين التاسع والعاشر؛ وقد استقرت أوضاع المسيحية الشرقية على هذا الحال بين أزمنة استقرار وأزمنة مضايقات أو اضطهاد، وانحسر تأثيرها في محيطها كما في العالم المسيحي. أما في الغرب، فإن شعوب أوروبا الوسطى والشرقية، تحولت إلى المسيحية، واعتنقت بريطانيا المسيحية على يد القديس باتريك في احين اعتمدت روسيا في ختام القرن العاشر. وبات لبابا روما، دور كبير لا على الصعيد الديني فحسب بل على الصعيد المدني أيضًا، وغدا الباباوات يتوجون الأباطرة؛ وإن كان الإقطاع والتخلف الحضاري سمات أوروبا آنذاك، فإن الأديرة والكنائس كانت المراكز الحضرية الوحيدة فيها، وقد لعبت الرهبنات الأوغوسطينية والبندكتية وكذلك دير كلوني دورًا رائدًا في الغرب. وقد شكل الخلاف حول "مسكونية" كرسي روما، واتهامها بالاحتكار، الانشقاق العظيم عام 1054.القرون الوسطى المتأخرة[عدل] مقالات مفصلة: حملات صليبية عصر النهضة الإصلاح البروتستانتي إصلاح مضاد مريم العذراء، سيدة غوادالوبي شفيعة الإمريكيتين؛ إحدى أقدم الآثار المسيحية في العالم الجديد وأشهرها تعود لعام 1555، ومن أيقونات العذراء السمراء. كانت المرحلة الثانية من القرون الوسطى تركزًا لزعامة العالم المسيحي في الغرب، الذي بدأ يخرج من ركوده السابق، وكان للكنيسة نشاط في مختلف الميادين، وحسب رأي المؤرخ الفرنسي جورج مينوا: "يسعنا الحديث دون مبالغة عن ثورة عملية قادتها الذهنية الكاثوليكية في القرن الحادي عشر". هذه الثورة التي كانت تجلياتها الخارجية بالحملات الصليبية ثم حروب استعادة الأندلس،كانت تجلياتها الداخلية بتحسن الوضع المعيشي في أوروبا، ومن ثم تحسين مركزية الدولة، ورعاية العلوم والفلسفات، ويذكر في هذا الصدد على وجه الخصوص القديس توما الإكويني.وتزامنًا، انتهى الانشقاق البابوي، وانخفض مستوى التوتر بين الأباطرة والباباوات؛ وأما الحدث الأبرز في القرون الوسطى ولا شكّ، كان اكتشاف العالم الجديد بدءًا من عام 1492، وغالبًا ما كانت الحملات الاستكشافية تتم بمباركة الكنيسة، التي تمكنت من تأسيس مراكز لها في الأصقاع المكتشفة حديثًا كما في الشرق الأقصى وأفريقيا الجنوبية. هذه الاكتشافات أدت إلى تدفق الذهب نحو إيطاليا، وغدت روما وفلورنسا وجنوا عواصم النهضة التي سرعان ما عمّت أوروبا،] فاسحة المجال لترف ووفرة لا اقتصادية فقط، بل ثقافية وعلمية أيضًا، وإن بعضًا من الرهبانيات الكبيرة الأثر في التاريخ كالرهبنة الفرنسيسكانية والدومينيكانية، قد تأسست خلال تلك المرحلة، وكذلك تطور الاهتمام بتشييد الكاتدرائيات الكبرى، والجامعات، والمشافي، وتشجيع الفنون، وبخاصة الموسيقى، والنحت، والرسم، وانتشرت الجامعات، والنوادي الاجتماعية التي شكلت سمات عصر النهضة. تمثال داود النبي والملك، لمايكل آنجلو، أحد أشهر أعمال عصر النهضة الفنية. على الصعيد العقائدي، فقد تمت عملية إعادة قراءة للعقائد، فعلى سبيل المثال فإن تعاليم أرسطو عن "الجوهر والشكل" باتت أساس شرح سر القربان. وعلى الرغم من هذا الازدهار فلم يكن العصر خاليًا مما يؤرق أوروبا، إذ تمكنت الدولة العثمانية من فتح القسطنطينية عام 1453 وتحول ثقل الأرثوذكسية نحو روسيا، كما أن الثروات المتدفقة إلى الغرب أدت إلى انتشار الفساد المالي والأخلاقي حتى داخل بعض أروقة الكنيسة ذاتها، وإلى سيطرة بعض العائلات أمثال آل ميديتشي على الكرسي الرسولي، ويشار إلى عهد البابا ألكسندر السادس بوصفه ذروة الفسادهذا الوضع، قد دفع لقيام حركة إصلاح بالغة الأثر في الكنيسة والعالم، كانت ذات شقين، الأول مع مارتن لوثر عام 1518 وما اصطلح عليه اسم الإصلاح البروتستانتي،والذي اتسع ليشمل أوروبا الشمالية برمتها، كما أتبع بظهور عدد آخر من المصلحين الإنجيليين أمثال كالفن ويان هوس؛ وظهور الكنائس الوطنية المستقلة مع الإصلاح الإنجليزي 1534؛ والشق الثاني ما يعرف بالإصلاح المضاد أو الإصلاح الكاثوليكي الذي شكل مجمع ترنت، والرهبنة اليسوعية، ثم سيطرة المحافطين على الكرسي الرسولي بدءًا من وفاة البابا جول الثالث عام 1555 عماده الرئيسي. من نتائج السياسة المحافظة كانت محاكم التفتيش التي نشأت للرقابة على الفلسفا والأفكار الآخذة بالتصاعد والبروتستانت أساسًا، وشملت أيضًا في أهدافها الموريسكيين واليهود، الذين أضمروا دينهم سرًا وأظهروا المسيحية، وكانوا قد خيرّوا بين اعتناق المسيحية أو الهجرة في إسبانيا وحدها.في المقابل، فإن أصقاعًا أخرى من العالم المسيحي، كهولندا والمستعمرات الإمريكية كانت موئلاً للأقليات المضطهدة لاسيّما اليهود وحاضنًا للأفكار والفلسفات الجديدة. أما الاحتقان في أوروبا بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانتية قد دفع إلى تفجر سلسلة حروب أهلية كان أكبرها حرب الثلاثين عامًا التي اندلعت عام 1618، ومع منتصف القرن تم الدخول في مرحلة من السلام والاعتراف المتبادل. القرون الحديث مقالات مفصلة: مسيحية أصولية مسيحية ليبرالية تبشير توقف العثمانيون عن التمدد في أوروبا إثر عجزهم عن دخول فيينا عام 1683 غير أنهم سيطروا على أغلب أقطار أوروبا الشرقية، وعمومًا لم تكن العلاقة بين الغرب المسيحي والعثمانيين علاقات حرب فحسب بل وجدت علاقات دبلوماسية وتجارية نشطة، وكان لمسيحيي الداخل العثماني أزمنة مستقرة ومزدهرة لاسيّما في العاصمة والأقطار ذات الغالبية المسيحية كما كان بعض الأزمنة من التضييق والاضطهاد، ووضعت المجموعات المسيحية في الدولة العثمانية تحت حماية الدول الأوروبية وفق نظام الامتيازات الأجنبية بدءًا من عام وإن نشوء الكنائس الكاثوليكية الشرقية نتيجة جهود مبعوثي روما يعود لتلك الحقبة.أساقفة في ساحة القديس بطرس، الفاتيكان. لقد شكلت الثورة الصناعية نقطة انعطاف في تاريخ البشرية مع نشوء أنماط جديدة من المجتمع البشري خلافًا لما كان سائدًا في الحضارات الزراعية، وترك التحوّل عميق الآثار في الفكر الإنساني بما فيه الدين، وكان أحد تمظهرات الأمر نشوء المدارس والأفكار الإلحادية واكتسابها شعبية وتأييدًا بين الجمهور، وتصاعدت حالات التهجم على الدين والكنيسة، ومعاداة الإكليروس، وقد أعلن نيتشه على سبيل المثال "موت الله"، غير أن القرن العشرين قد شهد تراجعًا لهذه الفلسفات، حسبما يراه البعض. كما أن حركة التحديث المسيحية قد طفقت تنمو، وبرزت المسيحية الليبرالية في مقابل المسيحية الأصولية، والدراسات الكتابية الحديثة، وتطور العقيدة الاجتماعية ودور المجتمع في الحالات الخاصة، وتكاثر المنظمات العلمانية الكنسيّة وتقلص دور وحجم الإكليروس، إلى جانب حركة تحديث طقسي ومجمعي أيضًا عبر المجمع الفاتيكاني الأول ثم وبشكل خاص المجمع الفاتيكاني الثاني بين 1963 - 1965 والذي أجرى إصلاحات ليتورجية وإدارية على صعيد الكنيسة الكاثوليكية في المرحلة التي شهدت تحديدات جديدة للعقيدة مثل الحبل بلا دنس وانتقال العذراء. يعود لهذه المرحلة، على الصعيد السياسي حدثان كان لهما عميق التأثير في المسيحية الغربية، الأول قيام الولايات المتحدة الإمريكية التي وجدها الإنجيليون من الواسب "إنجاز من الله على الأرض تمامًا كما حصل مع داود وموسى"، والثانية كانت الثورة الفرنسية التي على العكس من الأولى برزت شديدة الهجومية على الدين والكنيسة لاسيّما خلال عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة، وكان من تجليات الأمر مصادرة أملاك الكنيسة والتدخل بتعيين الأساقفة حتى قطعت العلاقة بين فرنسا والكرسي الرسولي عام 1904، ولم تصلح إلا بعد الحرب العالمية الثانية.البابا فرنسيس خلال مباركته الحشود: لا تزال للكنيسة قوتها. أما في المسيحية الشرقية فقد نالت دول أوروبا الشرقية استقلالها عن العثمانيين، ولعب المسيحيون العرب لاسيّما في لبنان دورًا بارزًا في النهضة العربية،كما أزيلت قانونًا أشكال التمييز مع بداية القرن التاسع عشر، غير أن بدايات الهجرة المسيحية تعود لتلك الفترة أيضًا. أما الكنيسة الروسية فقد شهدت استقرارًا وتعاونًا مع القياصرة، واضطلعت بدور هام في المجتمع الروسي. وانتشرت أواخر القرن التاسع عشر، حركة صحوة دينية في المناطق البروتستانتية، ركزت على الورع والأخلاق بوصفهما تعبيرًا أسمى عن العقيدة؛ أما الهزيع الأول من القرن العشرين فقد شهد قيام الأنظمة الشيوعية ثم الفاشية والنازية التي اضطهدت الكنيسة وسعت لاستئصال الدين من المجتمع، وقد قارعتها الكنيسة بشتى الوسائل، في حين أوجدت اتفاقية لاتران الفاتيكان بالشكل المتعارف عليه اليوم. وشهدت المرحلة ذاتها أيضًا مذابح الأرمن واليونان البوتيك والسريان الآشوريين. في مطلع القرن العشرين بدأت حركة تقارب بين الكنائس والطوائف المسيحية، حيث دعيت هذه الحركة باسم الحركة المسكونية، في سنة 1948 تأسس مجلس الكنائس العالميّ، وهي منظمة تعمل من أجل تطوير الوحدة المسيحية، ويضم الآن مختلف الكنائس. تقف المسيحية بشكل عام اليوم، بوجه الإجهاض، الموت الرحيم وزواج المثليين جنسيًا، ما يجعلها من أكبر المؤسسات المدافعة عن الثقافة التقليدية والأخلاق التقليدية في المجتمع، أما عن أبرز مشاكلها فإن تراجع عدد المنخرطين في سلك الكهنوت ونسبة المداومين على حضور الطقوس يعتبران من أكبر المشاكل؛ رغم ذلك فإن هذه المشاكل تنحصر في مناطق معينة، كفرنسا، ألمانيا وأستونيا أما في مناطق أخرى كإيرلندا، إسبانيا، إيطاليا، اليونان والبرتغال فضلاً عن أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الإمريكية لا تزال هذه النسب مرتفعة.يذكر أّن عدد من دول أوروبا الشرقية شهدت مع سقوط الإتحاد السوفياتي والأنظمة الشيوعية صحوة دينية كبرى منها روسيا ممثلة بالعلاقة الوثيقة بين الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وفلاديمير بوتين، أوكرانيا، بولندا، صربيا، كرواتيا، رومانيا وبلغاريا. كما وتشهد مناطق جنوب الكرة الأرضية ازدياد كبير في معدل نمو المسيحية خصوصًا في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
ينسب إليه سفر ملاخي. ومن المحققين من يرى أن «ملاخي» اسم اصطلاحي لكاتب مجهول وضع هذا السفر في النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلاد.سفر صموئيل الثاني (بالعبرية: ספר שמואל) هو عاشر أسفار التناخ في الديانة اليهودية والعهد القديم في المسيحية، يصنف السفر ضمن الأسفار التاريخية أو ضمن النبؤات القديمة، أي تلك التي تمت في مرحلة مبكرة وقريبة من حكم القضاة. ويرفض الصدوقيون والسامريون الاعتراف بقدسيته، وسوى ذلك لا خلاف على قدسيته، لدى مختلف الطوائف المسيحية واليهودية، يغطي السفر بشكل رئيسي حكم الملك داود على مملكة إسرائيل الموحدة، بعد الحرب الأهلية التي قامت بين شاول وداود، ويؤرخ عددًا من الأحداث الهامة التي حصلت خلال حكم داود، مثل فتح القدس، والزواج من امرأة أوريا الحثي ومن ثم إنجابه لسليمان ويختتم بالحرب الأهلية الثانية بين داود وابنه أبشالوم. لا يمكن فهم السفر من دون سفر صموئيل الأول، وكانا يشكلان معًا كتابًا واحدًا قبل الترجمة السبعونية في القرن الثاني قبل الميلاد، وكذلك لا يمكن فهمه دون سفر الملوك الأول، الذي يبدأ بشيخوخة داود ووفاته، وسابقًا كان يدعى سفرا صموئيل، باسم "الملوك الأول والملوك الثاني" وأما سفرا الملوك باسم "الملوك الثالث والملوك الرابع" ولا تزال هذه التسمية معتمدة في الكنيسة الأثيوبية.يبدأ كتاب صموئيل الثاني منذ ذكر حادثة معرفة داود بمقتل شاول حين كان مقيمًا في صقلغ، فقد روى السفر أن أحد الجنود الفارين من المعركة نقل ما حصل في جبل جلبوع بين بين إسرائيل والفلسطيين، فقد قتل كثير من الجند وهرب قسم كثير منهم، وترك شاول وابنه يوناثان وحيدين دون نصرة، فمات يوناثان، أما شاول فقد وجده الرجل الذي نقل الخبر، وقد أصيب في المعركة وقد خرج الفلسطيون في إثره يطلبون قتله، حينها طلب شاول من الرجل أن يقتله كي لا يقع في يد أعداءه وهو ما فعله الرجل. وكانت ردة فعل داود ورجاله أن أعلن الحداد: "فأمسك داود ثيابه ومزقها، وكذلك جميع الرجال الذين معه، وندبوا وبكوا وصاموا إلى المساء على شاول وعلى يوناثان ابنه، وعلى شعب الرب وعلى بيت إسرائيل لأنهم سقطوا بالسيف". ثم أمر داود بأن يقتل الرجل لأنه "أهلك مسيح الرب"، وكذلك يذكر السفر قصيدة رثاء أنشدها داود حدادًا على الملك شاول وابنه يوناثان الذي جمعته بداود صداقة، ومما يقوله داود في القصيدة: "يا بنات إسرائيل ابكين شاول الذي ألبسكنّ قرمزًا بالتنعّم، وجعل حلي الذهب على ملابسكنّ". ومما يقوله عن يوناثان: "محبتك لي أعجب من محبة النساء". وقد دفن شاول أهل مدينة يابيش جلعاد في قريتهم. بعد وفاة شاول حسب رواية السفر، طلب الرب من داود أن يتجه من صقلغ إلى حبرون التابعة لأراضي سبط يهوذا، فذهب إليها ومعه نساءه ومقاتليه، وفيها مسحه رجال سبط يهوذا ملكًا عليهم، غير أن أبنير بن نير قائد جيش شاول أخذ إيشبوشث ابن شاول إلى محنايم ومسحه ملكًا خلفًا لوالده وله من العمر أربعين سنة وبذلك انقسمت مملكة بني إسرائيل. وأولى معارك الحرب حصلت في جبعون في موقع أسماه السفر "حلقث هصوريم": "وكان القتال شديدًا جدًا في ذلك ليوم، انكسر أبنير ورجال إسرائيل أمام عبيد داود". تلك هي أولى مواقع الحرب التي كانت "طويلة بين بيت شاول وبيت داود، وكان داود يومًا فيومًا يتقوى وبيت شاول يأخذ في الضعف". وخلال تلك المدة التي دامت سبع سنين، ولد لدواد في حبرون بكره أمنون ثم كيلاب ثم أبشالوم من زجته الثالثة معكة ابنة تلماري ملك جشور، ومجموع ما أنجب داود في حبرون ستة أطفال كل واحد من امرأة. وانتهت الحرب بعد سبع سنوات بنتيجة الشقاق الذي وقع بين الملك إيشبوشث وأبنير، بحيث فاوض أبنير داود على الصفح عنه لقاء توحيد المملكة وهو ما قبل به داود، غير أن أبنير الذي كان قد عسائيل أحد وجوه سبط يوآب قائد جيش داود، قتل يوآب انتقامًا، "ولما سمع داود بعد ذلك، فقال إني بريء أنا ومملكتي إلى الأبد من دم أبنير بن نير". وأعلن الحداد وترأس بنفسه جنازة أبنير الذي دفن في حبرون، خلال الوقت نفسه قتل الملك إيشبوشث على يد رمون البئروتي من سبط بنيامين الذين لم يكونوا على علاقة جيدة مع مملكة شاول، وقد رد داود بقتل قتلة الملك: "وأحضر داود الغلمان فقتلوهما وقطعوا أيديهما وأرجلهما وعلقوهما على بركة في حبرون." أما حكم مملكة شاول فآلت لابن يوناثان مفيبوشث المشولو وذي الخمس سنوات، وأمام هذا الواقع: "جاء جميع شيوخ بني إسرائيل إلى داود في حبرون ومسحوا داود ملكًا". وبذلك انتهب الحرب الأهلية وتوحدت المملكة تحت حكم داود، أما الملك مفيبوشث فقد أقام في منزل مائير بن عمثيل في قرية لودبار، وبعد أن انتقلت العاصمة إلى القدس أراد داود أن يصنع معه إحسانًا واستذكارًا لصداقته مع والده يوناثان، فقام برد أراضيه وأملاكه ثم وضب له مكانًا في القصر وظل مقيمًا معه إلى وفاته. بعد مبايعته ملكًا، سار داود على رأس جيش نحو القدس التي كانت مملكة كنعانية مستقلة، وفتحها دون أن يقدم السفر أي تفصيل، ثم أخذ يحصنها وبنى فيها قلعة وأسماها "مدينة داود"، ثم سورها وقد أرسل حيرام ملك صور رسلاً إلى داود ومعهم خشب الأرز ونجارين وبنائين فبنوا القصر، كما أضاف داود لنفسه سلسلة جديدة من النساء والجواري في القدس، وكان من بين أبناءه الذي ولدوا فيها سليمان. أراد داود بعد أن استتب له الوضع في القدس نقل تابوت العهد إليها، واستمرت عملية النقل التي ترأسها داود وشارك بها ثلاثون ألفًا من جميع الأسباط ثلاثة أشهر، ولدى وصول التابوت إلى القدس، أخذ الشعب وعلى رأسهم داود بالرقص ثم أصعد داود ذبائح ومحرقات حسب الشريعة اليهودية وبارك الشعب. وأراد أن يبني هيكلاً على غرار قصره لكن الرب أوصى ناثان البني أن ينهي داود عن الأمر وأخبره أن ابنه هو من سبني المعبد وبرر ذلك: "لكثرة ما سفك داود من دماء". يروي الفصلان الحادي عشر والثاني عشر من سفر صموئيل الثاني زنى داود مع امرأة قائد جيشه، فبينما كان جيش المملكة يحارب تحت قيادة يوآب بني عمون، كان دواد يتمشى على سطح قصره: "فرأى من على السطح امرأة تستحم، وكانت المرأة جميلة المنظر جدًا فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحد: أليست هذه بثشبع بنت أليعام وامرأة أوريا الحثي؟ فأرسل داود رسلاً وأخذها، فدخلت إليه فاطضجع معها، وهي مطهرة من طمثها، ثم رجعت إلى بيتها". ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل حلبت المرأة من داود الذي استدعى أوريا زوجها من ساحة القتال ليضاجع إمرأته فيظهر الولد على أنه ابن أوريا، لكن أوريا رفض: "فقال أوريّا لدواد: إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام، ويوآب وعبيد سيدي نازلون عن وجه الصحراء وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب واضطجع مع إمرأي، وحياتي وحياة نفسك لا أفعل هذا". فلما عاد أوريا إلى ساحة القتال بعث داود برسالة إلى يوآب قائد الجيش يطلب فيها وضع أوريّا في موضع شديد القتال حتى يموت، وهو ما حصل فعلاً إذ مات أوريا وتزوج داود إمرأته وولدت الصبي: "ووأما الأمر الذي فعله داود فقد قبح في عيني الرب جدًا". فنزل الوحي على النبي ناثان ليقرع داود، وهو ما يرويه الفصل الثاني عشر، حتى أن النبي أخبر داود أن الصبي المولود من بثشبع سيموت وهو ما حصل فعلاً، فسبب ذلك حزنًا شديدًا لدواد، غير أنه بعد أن أنهى حداده بإلحاح رجال الدولة، اضطجع مع بثشبع إمرأته فحبلت وولدت له النبي سليمان. ويختتم السفر بأن جيش الملك داود انتصر على بني عمون وأخذ منهم غنائم كثيرة. هناك قصة أخرى مشابهة ترد في الفصلان الثالث عشر والرابع عشر، فأمنون وهو بكر داود أحب أخته غير الشقيقة ثامار، وادعى المرض ثم طلب من الملك أن يفرزها لخدمته وعندما تم له ذلك اغتصبها وبعد أن اغتصبها كرهها، وبعد عامين انتقم أخيها أبشالوم - وهو ابن داود وأخ أمنون غير الشقيق - من أمنون واستطاع قتله، فسبب ذلك حزنًا وكمدًا شديدين لدواد، خرب في إثرهما أبشالوم إلى جشور وأقام فيها ثلاث سنوات، ثم قام يوآب قائدة الجيش بوساطة بين داود وأبشالوم فعفى عنه والده وعاد إلى القدس لكنه لم يقابل والده إلى بعد سنتين، إذ كان متوخفًا من لقاءه. بعد مبايعته ملكًا، سار داود على رأس جيش نحو القدس التي كانت مملكة كنعانية مستقلة، وفتحها دون أن يقدم السفر أي تفصيل، ثم أخذ يحصنها وبنى فيها قلعة وأسماها "مدينة داود"، ثم سورها وقد أرسل حيرام ملك صور رسلاً إلى داود ومعهم خشب الأرز ونجارين وبنائين فبنوا القصر، كما أضاف داود لنفسه سلسلة جديدة من النساء والجواري في القدس، وكان من بين أبناءه الذي ولدوا فيها سليمان. أراد داود بعد أن استتب له الوضع في القدس نقل تابوت العهد إليها، واستمرت عملية النقل التي ترأسها داود وشارك بها ثلاثون ألفًا من جميع الأسباط ثلاثة أشهر، ولدى وصول التابوت إلى القدس، أخذ الشعب وعلى رأسهم داود بالرقص ثم أصعد داود ذبائح ومحرقات حسب الشريعة اليهودية وبارك الشعب. وأراد أن يبني هيكلاً على غرار قصره لكن الرب أوصى ناثان البني أن ينهي داود عن الأمر وأخبره أن ابنه هو من سبني المعبد وبرر ذلك: "لكثرة ما سفك داود من دماء". من الاشتباكات العسكرية التي يذكرها السفر خلال هذه الفترة معركتان مع الفلسطيين انتصر فهيا داود في الموقع الذي أسماه "بعل حزاحيم"، ثم مع الموآبيين وفرض عليهم جزية سنوية، وقد فعل الأمر ذاته مع مملكة صوبة التي يذكر السفر أن حدودها تصل إلى نهر الفرات، واشترط أن تمد المملكة داود بمئة مركبة، وحصلت معارك مع آرام دمشق انتصر خلالها داود وفرضت جزية على المملكة أيضًا، وحاول نوعي صاحب حماه أن يرد داود ولكنه فشل، وقد ترافق ذلك مع انتشار العدل والرخاء في مملكة بني إسرائيل. وكذلك الحال مع ملك بني عمون الذي تحالف مع ملك آرام دمشق ضد داود وكلفه ذلك حياته حسب رواية السفر. بعد أن انقضت أربعين عامًا من حكم داود، انتقل أبشالوم إلى حبرون قرب الخليل ونادى بنفسه ملكًا على بني إسرائيل منها، وسار نحو القدس فتركها داود واتجه إلى منحايم شمالاً بعد أن ترك عددًا من نساءه فيها وترك أيضًا تابوت العهد وكان من بين الذين رافقوه صادوق رئيس الكهنة.فدخل أبشالوم إلى القدس وضاجع نساء أبيه، وانشق أحيشوفيل مستشار أبيه الذي أشار لملاحقة داود نحو الشمال، وتحركت الأحقاد القديمة بين داود وسبط بنيامين الذين منهم الملك شاول، غير أن جند داود عند التحامهم بجند أبشالوم انهزموا وقتل منهم عشرون ألفًا، وهرب أبشالوم على ظهر بغلة: "فدخل البغل تحت أغصان بطمة عظيمة ملتفة، فعلق رأسه بالبطمة وعلق بين السماءو الأرض، والبغل الذي تحته مرّ." وقبل أن يفارق الحياة غرس قائد الجيش يوآب ثلاث سهامًا في قلب أبشالوم فمات ودفن في ذاك الموضع، رغم أن داود أراده حيًا لكي يصفح عنه، وعندما علم داود بموت ابنه أخذ يصيح: "يا ابني أبشالوم، يا بني أبشالوم، يا ليتني مت عوضًا عنك، يا أبشالوم يا ابني". وفي أعقاب موت أبشالوم صادق أسباط إسرائيل على عودة داود ملكًا في القدس، ووافق على ذلك أبيثار وصادوق رئيسي الكهنة، ويذكر الفصل العشرون أن سبط يهوذا حاول التمرد إلا أن يوآب استطاع تلافي ذلك، ويذكر أيضًا أن الملك لم يضاجع مع نساءه اللواتي اضطجع معهم ابنة أبشالوم، إلا أنه. الفصول الثلاثة الأخيرة تبدو منفصلة ولا علاقة لها بمجمل رواية السفر، الفصل الحادي والعشرين يتحدث عن المجاعة التي ضربت البلاد ودامت ثلاث سنين، وذلك لأجل "بيت الدماء، لأنه قتل الجبعونيين" ونقل عظام شاول وابنه يوناثان من يابيش جلعاد إلى أرض بنيامين، وتكرار الحروب والغارات بين الفلسطيين وداود في جت. أما الفصل الثاني والعشرين فهو صلاة منسوبة لداود يفتخر بها بالرّب، وكذلك حال الفصل الثالث والعشرين التي دونت فيه "أسماء الأبطال الذين لدواد"، وهم قادة جيشه منذ بداية حربه مع شاول، وأما الفصل الرابع والعشرين يعود للسرد التاريخي فيذكر إحصاء نفوس بني إسرائيل بأمر من داود، وقد بلغت نتيجة الإحصاء 800 ألف رجل من رجال إسرائيل و500 ألف رجل من رجال سبط يهوذا وحده. تكون خاتمة السفر، مصالحة داود مع الله عن طريق النبي جاد، وإصعاده قرابين وذبائح عربونًا لذلك.
Nema komentara:
Objavi komentar